تهامة.. وطقوس إحياء ليلة الإسراء والمعراج!
هناك طقوس دينية متوارثة تُقام سنويا في ليلة ذكرى حادثة الإسراء والمعراج، التي يحتفل بها المسلمون في اليمن والعالم العربي والإسلامي، ويحرصون على إحيائها بأساليب وطرق متنوعة، تعبر عن مكانتها الروحية في نفوس المسلمين.
وتعتبر ذكرى ليلة الـ27 من شهر رجب من أعظم المناسبات الدينية المقدسة، التي تمثل معجزة ربانية عظيمة في نظر المسلمين، وذلك بالإضافة إلى الطقوس الدينية الراسخة في وعي المجتمعات الإسلامية، كتعبير عن المكانة الروحية والإيمان بثبات حادثة الإسراء والمعراج، على الرغم من وجود اختلافات وآراء متعددة حول رواية تفاصيل تلك الليلة الكريمة في زمن النبي محمد عليه الصلاة والسلام، كما ذُكر في القرآن الكريم في سورة “الإسراء”.
في تهامة، وتحديداً في جنوب محافظة الحديدة، يحتفل المجتمع التهامي بذكرى الإسراء والمعراج، على غرار باقي مناطق اليمن، حيث تتميز كل منطقة بطقوسها الخاصة في الاحتفال بهذه المناسبة الجليلة. بما فيها مدينة زبيد، التي اشتهرت وما تزال بمدينة العلم والعلماء، حيث يحتفظ الأهالي بطقوس دينية وتقاليد متوارثة، تعبر عن مشاعر الفرح والبهجة بمناسبة الاحتفال، سواء روحياً أو معنوياً أو إنسانياً.
تهامة.. وطقوس إحياء ليلة الإسراء والمعراج
من الناحية الروحية، يسعى العلماء للتقرب إلى الله في هذه المناسبة من خلال الصيام وكثرة الطاعات، بالإضافة إلى القيام بالأعمال الخيرية وزيارة المقابر والترحم على الأموات. يُقدم الأهالي “اللحوح والتمر وشذرات الحباق وجريد سعف النخيل” مع قراءة الفاتحة وسور القرآن الكريم على أرواح الأموات، ويتصدقون بسخاء على قرَّاء القرآن، المعروفين بـ”الدَرَسَة”. وهم متخصصون للقيام بهذه المهمة ويتواجدون بين المقبرة على مدى السنة خصوصاً يومي الخميس والجمعة.
ومن الناحية الإنسانية، فإن معظم أبناء المدينة وما حولها بشكل عام، والمناطق التهامية بشكل خاص، يقوم الأغنياء منهم بتوزيع الصدقات وزيادة افعال البر والإحسان وإظهار المودة وزيارة الأهل والأقارب، ولم الشمل بين كل أسرة. حيث تجتمع الاسرة الكبيرة على مائدة الأكل خصوصاً لتناول وجبة العشاء والسمر بعد ذلك. فيجتمع الرجال للسمر في مكان منعزل عن المكان المخصص للنساء سواءَ في نفس البيت أو في مكان منفصل ويسمى المكان الخاص بـ الذكور” المبرز ” في تهامة، أما في مناطق الهضبة (المحافظات الجبلية) فيطلق عليه “الديوان”.
من الناحية الترفيهية، يُعد الأطفال المحور الرئيسي للاحتفالات، حيث يتمتعون بشراء ملابس جديدة ويستمتعون بالألعاب والأطعمة والحلويات المحلية، ومختلف أنواع الترفيه مثل ركوب الخيل والألعاب المختلفة.
مناسبة ذكرى الإسراء والمعراج تُعتبر فرصة للمجتمع التهامي للتعبير عن مشاعرهم ومودتهم وترابطهم الاجتماعي، في مشهد احتفالي مميز يعكس تراثهم وثقافتهم الدينية والاجتماعية.