المتحف الوطني في صنعاء: شاهد على تاريخ اليمن العريق

نورا الظفيري
يُعد المتحف الوطني أحد أبرز المتاحف اليمنية، حيث تأسس في العاصمة صنعاء عام 1971م، داخل “دار الشكر” وهو أحد القصور الإمامية التاريخية، ويقع المتحف بالقرب من “باب السباح” بجوار جامع “قبة المتوكل” في ميدان التحرير، وسط مدينة صنعاء.
عند تأسيسه، ضم المتحف قسمين رئيسيين: الأول مخصص للآثار القديمة، والثاني للتراث الشعبي، قبل أن يُضاف لاحقًا قسم خاص بالآثار الإسلامية، وتعود نشأة المتاحف في اليمن إلى عام 1939م، اذ تم إنشاء أول متحف في مدينة عدن، ليصبح بذلك ثالث أقدم متحف في الوطن العربي بعد مصر والعراق، وقد قام البريطانيون بتأسيسه آنذاك؛ كما افتتح الاستعمار عددًا من المباني التي خُصصت لعرض مقتنيات شخصيات بارزة من السلاطين والملوك، إلى جانب قطع أثرية متنوعة. وعلى النقيض من ذلك لم يكن في اليمن الشمالي أي متحف حتى عام 1971م، عندما تم افتتاح المتحف الوطني بصنعاء.
ومع تزايد عدد المقتنيات الأثرية، أصبح مبنى “دار الشكر” غير قادر على استيعابها، مما استدعى نقل المتحف إلى مبنى “دار السعادة المجاور له ” بين عامي 1987م و1988م، وقد تم اختيار “دار السعادة” كمقر جديد نظرًا لاتساعه، ما أتاح مساحة كافية لعرض الآثار المتزايدة، بالإضافة إلى أهمية موقعه التاريخي، حيثُ خضع المبنى لعمليات ترميم شاملة، ليصبح مركزًا يوثق تاريخ الحضارة اليمنية منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الإسلامي.
المتحف الوطني في صنعاء
قصر دار السعادة.. من مستشفى عثماني إلى مقر الحكم ثم متحف وطني
يقول نائب مدير المتحف الوطني ومدير إدارة التوثيق الأستاذ والتسجيل عبدالله إسحاق إن المنطقة التي بُني عليها قصر دار السعادة كانت تُعرف قديمًا باسم “بستان المتوكل”، نسبةً إلى الإمام المتوكل على الله القاسم بن الحسين الإمام المنصور، وقد كانت منطقة زراعية خصبة تشتهر بنقائها وهدوئها.
في القرن التاسع عشر، وخلال الحكم العثماني، قام الوالي العثماني أحمد أيوب باشا بتحويل المنطقة إلى مستشفى للأمراض النفسية، أو كما كان يُطلق عليه بالتركية “بيمارستان”، وذلك لخدمة الجنود العثمانيين الذين تعرضوا لصدمات نفسية جراء المعارك التي دارت في تلك الفترة، وقد اختير هذا المكان تحديدًا بسبب عزلته وهدوئه، مما جعله بيئة مناسبة للعلاج النفسي، حيثُ يعود تاريخ بناء القصر إلى عام 1931م.
بعد توقيع اتفاقية صلح دعان عام 1911م بين الدولة العثمانية والإمام يحيى حميد الدين، تم إخلاء المستشفى من قبل العثمانيين، ليحوله الإمام يحيى إلى قصر للحكم، وأطلق عليه اسم “دار السعادة”، ويقول إسحاق أن التسميات في تلك الفترة كانت جزءًا من نمط شائع، حيث أُطلقت أسماء مثل دار الشكر ودار الحمد ودار السعادة على القصور، مستوحاة من ثقافة الحكام لتعظيمها وإضفاء طابع الفخامة عليها.
في عهد المملكة المتوكلية أصبح القصر مركزًا لإدارة اليمنية، حيث استخدمه الإمام يحيى مقرًا لحكمه وأدخل عليه تعديلات معمارية، أبرزها توجيه المبنى نحو القبلة، تأثرًا بالعقيدة الدينية، كما خصص الإمام جزءًا من القصر لسكن أسرته، بينما تم توزيع وزارات الدولة داخله، حيث احتضن القصر كلًا من وزارة القضاء ووزارة المالية.
كان الطابق الأرضي للمبنى بمثابة (البنك المركزي)، حيث أطلق عليه اسم “بيت مال المسلمين”، بينما ضم الجناح الجنوبي للقصر دار صك العملة اليمنية، حيث كان يتم صكّ الريال العمادي. (طباعة الريال)
أما بعد ثورة 26 سبتمبر م 1962 وسقوط الحكم الإمامي، تحول القصر إلى مبنى حكومي، حيث استُخدم في البداية مقرًا لـ مصلحة القبائل، ثم تحول إلى مقر مصلحة الأحوال المدنية، وفي عام 1987م، اتُخذ قرار بتحويله إلى المتحف الوطني، ليصبح مركزًا يحفظ تاريخ وحضارة اليمن، جامعًا بين العراقة والإرث الثقافي الذي امتد لقرون.
المتحف الوطني في صنعاء من الداخل
أقسام المتحف الوطني.. توثيقٌ لتاريخ اليمن عبر العصور
يضم المتحف الوطني في صنعاء مجموعة واسعة من القطع الأثرية التي تعكس المراحل المختلفة لتاريخ اليمن، بدءًا من العصور القديمة وحتى العصر الإسلامي، وقد تم جمع هذه المقتنيات من عدة مواقع أثرية بارزة، مثل غيمان، النخلة الحمراء، الحُقة، وآثار مأرب، ومع توسع المعروضات تم تقسيم مقتنيات المتحف في أربعة طوابق رئيسية، خصص كل منها لعرض جانب من الموروث التاريخي والثقافي لليمن.
الطابق الأرضي: قاعة الملكين ذمار علي يهبر وثأران يهنعم
يضم هذا القسم تمثالين برونزيين للملك ذمار علي يهبر وابنه ثأران يهنعم، ملكي سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنت. يعتمد العرض المتحفي على إبراز النقوش المسندية المنحوتة على الأحجار إلى جانب التماثيل، مما يتيح للزوار رؤية واضحة للملامح الفنية والتاريخية لهذه الحقبة.
الدور الأول: قسم آثار ما قبل الإسلام
يتكون هذا القسم من سبع قاعات رئيسية، وهي:
- قاعة ما قبل التاريخ.
- قاعة النقوش اليمنية القديمة.
- قاعة مملكة معين.
- قاعة مأرب.
- قاعة مملكة سبأ.
- قاعة مملكة حمير.
- الصالة (آثار متنوعة).
وقد خُصصت كل قاعة لإحدى الممالك اليمنية القديمة مثل سبأ ومعين وحمير. كما تمت إضافة مقتنيات أثرية من مملكة حضرموت، إلى جانب تحديثات شملت إدراج قطع نادرة إلى قاعة مملكة معين، وعرض مجموعة من النقوش الخشبية المكتوبة بخط الزبور. وبحسب عبدالله إسحاق، فقد تم جمع هذه القطع من أماكن أثرية متعددة في اليمن، كانت عواصم للممالك يمنية قديمة لا سيما الجوف، مأرب، شبوة، حضرموت، وصنعاء.
الدور الثاني: قسم آثار العصر الإسلامي
يتكون هذا القسم من سبع قاعات، تشمل:
- قاعة المخطوطات الإسلامية .
- قاعة المعادن.
- قاعة المساجد.
- قاعة المسكوكات. (العملات)
- قاعة مسجدي أسناف وذيبين.
- قاعة فخار زبيد.
- قاعة الأسلحة.
- قاعة العامرية.
الدور الثالث: قسم الموروث الشعبي
يتألف هذا القسم من عشر قاعات رئيسية، تشمل:
- قاعة الزراعة وتربية النحل.
- قاعة الجنابي.
- قاعة صيد السمك.
- قاعة العشة التهامية.
- قاعة الأزياء.
- قاعة صباغة النيل الأسود.
يضم هذا القسم صالة مخصصة للأزياء الشعبية من مختلف مناطق اليمن، إلى جانب الصناعات التقليدية مثل الحُلي الفضية، كما يضم قاعات مخصصة لنسيج وحياكة الأقمشة، أدوات المطبخ التقليدية، والعمارة اليمنية.
أما الدور الأخير (المفرج): فقد تم تخصيص هذا الطابق ليكون قاعة استقبال للشخصيات المهمة.
المخزن الأرضي للمتحف الوطني.. تحديات التخزين ومشاريع التوسع
يقول الأستاذ/ عبدالله إسحاق، نائب مدير المتحف الوطني ومدير إدارة التوثيق والتسجيل، إن المتحف الوطني يضم سبعة مخازن مخصصة للمقتنيات الأثرية، موزعة بين الدور الأرضي والدور المسروق في دار السعادة، وقد خضعت هذه المخازن لأعمال إصلاح وترميم عند انتقال المتحف إلى مقره الحالي عام 1987م، حيث تم اتخاذ إجراءات لعزل الرطوبة وفق الإمكانيات المتاحة في ذلك الوقت.
وأوضح إسحاق أن عملية الترميم شملت إعداد رفوف خشبية قوية لتخزين القطع الأثرية، إلى جانب تغطية أرضيات المخازن بعوارض خشبية لمنع انتشار الرطوبة، بالإضافة إلى إضافة مناضد خشبية لحفظ القطع الأثرية الثقيلة.
وأضاف أن المتحف شهد على مر السنوات تدفقًا متزايدًا للقطع الأثرية، سواء عبر لجنة الاقتناء في هيئة الآثار، أو من خلال القطع المصادرة أثناء محاولات التهريب، أو الهدايا المقدمة من المسؤولين والمواطنين، فضلًا عن المقتنيات القادمة من البعثات الأثرية العاملة في اليمن. ومع تزايد أعداد هذه القطع، أصبحت المخازن غير قادرة على استيعاب المزيد، خاصة القطع ذات الأحجام الكبيرة.
مشروع التوسع بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي للتنمية
وأشار إسحاق إلى أنه لمواجهة هذا التحدي، تم إدراج مشروع توسعة المخازن ضمن خطة التعاون اليمني-الهولندي لتطوير المتحف، وبعد إجراء دراسات متخصصة، تقرر إنشاء مخزن تحت الأرض في الساحة الأمامية للمتحف، بتمويل من الصندوق الاجتماعي للتنمية، الذي تولى مسؤولية تمويل الدراسة والتنفيذ.
وأضاف أنه تم التعاقد مع شركة هندسية هولندية لوضع التصاميم، بمشاركة أساتذة ومهندسين من كلية الهندسة بجامعة صنعاء، لضمان أن تتماشى التصاميم مع البيئة المعمارية والثقافية اليمنية، وأدى تنفيذ المشروع إلى إغلاق المتحف مؤقتًا أمام الزوار لعدة سنوات، حتى اكتمال الأعمال الإنشائية.
وأكد إسحاق أن هذه التوسعة كانت خطوة ضرورية لحماية المقتنيات الأثرية وضمان تخزينها وفق معايير الحفظ الحديثة، مما يعزز من قدرة المتحف على الاحتفاظ بالإرث التاريخي لليمن بطريقة أكثر أمانًا وفعالية.
محطات الترميم والتطوير عبر العقود
ويوضح أسحاق في تصريحه لشواهد أن المتحف مرَّ بعدة مراحل في عملية الترميم، وقال إن “عملية الترميمات كانت على ثلاث فترات، حيثُ لم يكن الترميم يشمل المبنى كاملاً، بل كان جزئياً للمبنى الأصلي للمتحف الوطني الذي يُطلق عليه اسم “دار السعادة”، وكانت هذه الفترات في الأعوام 2002م، 2012م، و2020م، وقد شمل الترميم الجزئي كلا من الأسقف والجدران والسلالم والأماكن المتضررة التي كانت بحاجة إلى ترميم سريع وإنقاذ، كما أن هناك ترميم آخر سيكون خلال عام 2025م”
وأشار إلى أنه في ديسمبر 1998م تم توقيع اتفاقية تعاون بين السفارة الهولندية وهيئة الآثار، وبموجبها استُؤنف الدعم لمشروع المتحف الوطني لمدة خمس سنوات في تلك الفترة، حيثُ تركزت خطة المشروع حول إعادة ترميم وتأهيل المباني التاريخية في المجمع، بحيث تشمل المعارض الدائمة والمؤقتة، والمعامل، والمكاتب، وخدمات الزوار، بالإضافة إلى تجديد العرض وتدريب كوادر المتحف الوطني. ولهذا الغرض، تم تشكيل لجنة من المتحف لاختيار مواضيع العرض الجديدة، وقد أسفرت ورش العمل عن اختيار 16 موضوعاً رئيسياً، والتي كانت محل نقاش بين المؤيدين والمعارضين عند عرضها على المعنيين.
وكان المتحف قد اغلق مطلع عام 2000م بسبب أعمال ترميم وصيانة شاملة لمختلف مبانيه التاريخية، ومن ثما تم افتتاحه مرة أخرى في 28 مايو 2006م بعد استكمال عملية الترميم وإضافة العديد من الآثار النادرة وإعادة هيكلة المتحف، وتم توثيق المبنى بطرازه المعماري الفريد في عام 2000م عبر المشروع اليمني الهولندي، ليُعتبر أكبر متحف في الشرق الأوسط، كما تم الاستعانة بوثائق من الأرشيف التركي، اذ أنهم من بنوا المبنى ولديهم صور ووثائق، حيثُ كان الهدف من ذلك هو عمل المخططات على نفس النمط القديم الذي صممه العثمانيون.”
أعمال الترميم والتوثيق الأثري للقطع الاثرية
وفي هذا الجانب، يقول إسحاق إن قطع الآثار خضعت لأعمال ترميم داخلية وخارجية، حيث كانت هناك علاقات تعاون بين اليمن وكلٍّ من ألمانيا وفرنسا، وهما من الدول الرائدة في مجال ترميم القطع الأثرية، فقد تم ترميم تمثالَي ذمار علي يهبر وابنه الثأران يهنعم، الموجودَين في المتحف الوطني في الدور الأرضي، من قِبل الألمان في مدينة ماينز الألمانية، وذلك بعد ثورة 26 سبتمبر، واستمر ترميم التمثالين لمدة 17 عامًا، وتمت إعادتهما إلى اليمن في ثمانينيات القرن الماضي، وتحديدًا عام 1984م، وتم عرضهما بمناسبة افتتاح المتحف الوطني عام 1987م.
وبحسب إسحاق، فإن المتحف الوطني يضم ما يقارب 250 ألف قطعة أثرية، أما المعروض حاليًا في المتحف فيبلغ حوالي 2000 قطعة أثرية فقط، إلا أن تخزينها في السابق لم يكن يتم وفق الأسس العلمية الصحيحة، حيث كانت القطع تُحفظ عشوائيًا في المخازن، سواء كانت حجرية أو برونزية أو خشبية، دون أي تصنيف أو توثيق.
لذا، اضطرت الجهات المعنية إلى اللجوء إلى الصندوق الاجتماعي للتنمية، الذي تولّى تنفيذ عملية التسجيل والتوثيق بالتعاون مع الهيئة العامة للآثار؛ في عام 2005م، حيثُ استغرقت عملية التسجيل والتوثيق ثلاثة أشهر، وبلغت تكلفتها آنذاك 2.5 مليون ريال، في حين أن ارتفاع أسعار الصرف وتكاليف الترميم حاليًا يمثلان تحديًا كبيرًا، وقد تولى تنفيذ هذه العملية خبراء يمنيون.
وفي عام 2018م، بدأ المشروع الألماني لحفظ وتخزين القطع الأثرية، الذي مر بثلاث مراحل، حيث تم إنشاء قاعدة بيانات للقطع الأثرية وفق معايير علمية وعالمية، وتم تخزينها باستخدام رقم متحفي محدد وموقع تخزين دقيق داخل المخزن، مما سهّل عملية البحث والدراسة، وقد استمر هذا المشروع حتى عام 2020م، وأسفر عن توثيق وإصدار أرقام متحفيه لحوالي 140 ألف قطعة أثرية. ويوضح أسحاق أنه لم يكتمل توثيق باقي القطع الأثرية لأسباب متعددة، أبرزها الموارد المالية، حيث تُعتبر وزارة الثقافة جهة غير إيراديه وتعاني من شحّ التمويل.
فيما يخص الدراسات الأثرية والتوثيق العلمي، يؤكد أسحاق أنه تم توثيق ودراسة ما يقارب 30 إلى 40 ألف قطعة أثرية من قِبل الباحثين، سواء من البعثات الأجنبية أو اليمنيين، وتم تسجيلها في قاعدة البيانات الخاصة بالمتحف الوطني.
أهمية التوثيق والتسجيل في حماية الآثار
يُعدّ التوثيق والتسجيل وسيلة فعالة للحفاظ على القطع الأثرية واستعادتها في حال تهريبها، وفي هذا الجانب يقول أسحاق أن هناك تنسيق وتعاون بين الهيئة العامة للآثار في اليمن ومنظمة اليونسكو من خلال الإنتربول، ا(لجهاز الأمني العالمي)، فعند تسجيل قطعة أثرية برقم وإصدار استمارة وكرت تعريف لها، يصبح من السهل تتبعها واستردادها عند تهريبها.
ويذكر على سبيل المثال، خلال حرب عام 1994م، تم تهريب عدد من القطع الأثرية من المتاحف اليمنية، لكنها كانت مُرقّمة وموثقة، مما مكّن اليمن، بالتعاون مع اليونسكو، من استعادتها.
أهمية الحفاظ على المتاحف وتطويرها
تُعد المتاحف ذاكرة الشعوب الحية، إذ تعكس تاريخها وحضارتها الممتدة عبر العصور، ولكل بلد تاريخه وتراثه الفريد، حيث تُعد القطع الأثرية بمثابة سجل تاريخي لشعوبها، ويرجّح المؤرخون أن حضارة اليمن تعود منتصف الالف الثاني قبل الميلاد، استنادًا إلى الاكتشافات التي توصلت إليها بعثات أثرية مختلفة، مثل البعثات الروسية، والبريطانية، والأمريكية، والإيطالية، والفرنسية، التي عثرت على آثار تؤكد وجود حضارة مزدهرة في اليمن منذ العصور الحجرية القديمة.
يقول إسحاق أن أول بعثة أثرية إلى اليمن هي بعثة نيبور، تلتها بعثات أخرى من دول مختلفة، وهناك بعثات أثرية تأتي إلى اليمن على نفقتها الخاصة، دون مشاركة الدولة في عمليات التنقيب، ويتم ذلك وفق اتفاقيات موقعة بين الطرفين، تتضمن منح البعثة 20% من الآثار المكتشفة، بشرط عرضها في متاحف عالمية باسم اليمن وتوثيقها ضمن الحضارات اليمنية.
ويؤكد أسحاق على أنه من الضروري الاهتمام بالآثار باعتبارها جزءًا من تاريخ وحضارة اليمن، حيث يمكن أن يشكل القطاع السياحي والأثري مصدر دخل مهمًا للدولة، ويسهم في دعم الاقتصاد الوطني، إلا أن غياب الاستقرار أدى إلى إهمال هذا القطاع وعدم استغلاله بالشكل الأمثل.
التحديات التي تواجه الآثار اليمنية
ويشير إسحاق إلى أن الآثار اليمنية تعاني من تزايد عمليات التهريب والاتجار غير المشروع، حيث أصبحت تجارة الآثار نشاطًا رائجًا نتيجة ضعف الرقابة وانعدام الاستقرار الأمني، كما تفاقمت عمليات النبش العشوائي، مما يؤدي إلى فقدان العديد من القطع الأثرية الثمينة.
ويؤكد على أن الحفاظ على الآثار اليمنية يتطلب اتخاذ إجراءات مشددة لمكافحة التهريب، وتعزيز دور الدولة في حماية المواقع الأثرية، إلى جانب تطوير المتاحف وتحسين أساليب العرض والتخزين، بما يضمن الحفاظ على التراث اليمني للأجيال القادمة.
أن الحفاظ على التراث الأثري مسؤولية وطنية ودولية، إذ لا تقتصر أهمية الآثار على كونها شواهد على الماضي، بل تمثل أيضًا مصدرًا ثقافيًا واقتصاديًا مهمًا، ولضمان استمرارية هذه الثروة التاريخية، لا بد من تحقيق استقرار سياسي وأمني، إلى جانب تبنّي استراتيجيات شاملة لحماية الآثار والمتاحف، وتعزيز التعاون مع المؤسسات الدولية لاستعادة القطع المسروقة وحماية ما تبقى من الكنوز الأثرية اليمنية.